مركز غلوبال ريسيرج للأبحاث: البحرين حليفة الولايات المتحدة تقتل الأطفال .. متى سيتدخل الناتو إذن؟
المقال بقلم الأيرلندي فينيان كنينغهام مراسل مركز غلوبال ريسيرج للأبحاث في بيلفاست، أيرلندا. كان قد طُرِدَ من البحرين في الثامن عشر من يونيو من هذا العام بسبب انتقاداته الصحفية
هذا هو وجه إرهاب الدولة ضد المدنيين في مملكة البحرين الخليجية النفطية والمدعومة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا. آخر الضحايا كان صبياً قُتِل بواسطة رصاص الشرطة، ولكن لن تكون هناك أية دعوة من قبل واشنطن أو لندن لكي يتدخل الناتو على غرار ما حدث في ليبيا لحماية حقوق الإنسان هنا. لا يوجد دعوة لتغيير النظام ولا يوجد دعوة لرفع قضية في المحكمة الجنائية الدولية.
علي جواد أحمد البالغ من العمر 14 عاماً كان قد قتل في الثلاثين من شهر أغسطس عندما قامت قوات الشغب البحرينية المدعومة من قبل السعودية بإطلاق قنبلة عبوة غاز مسيل للدموع عليه من مسافة قريبة. في اليوم الذي كان من المفترض أن يكون يوماً احتفالياً بمناسبة انتهاء شهر رمضان -عيد الفطر- صُعِقَ الناس في كافة أنحاء البحرين بعملية أخرى من عمليات "الذبح الوحشي للأبرياء" من قبل النظام وبالصمت الرزين من قبل داعميه الغربيين.
المراهق كان ضمن حشد من الشبَّان الذين تجمعوا في احتجاجٍ سلمي بعد صلاة الصبح في قرية سترة ذات الأغلبية الشيعية منادين بسقوط النظام الملكي السني غير المنتخب.
الاحتجاجات البحرينية ضد الحكام الاستبداديين المدعومين من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا ظلَّت مستمرة لمدة سبعة أشهر تقريباً على الرغم من التدخل العسكري من المملكة العربية السعودية في الجزيرة الخليجية لسحق الحركة المطالبة بالديمقراطية. منذ بداية الانتفاضة في منتصف شهر فبراير لقي حوالي 40 مدني مصرعهم على يد القوات الحكومية، كما تعرَّض الآلاف للإصابة و الاعتقال و التعذيب و الطرد من العمل.
ولكن القمع الذي لا هوادة فيه -والذي أدانته منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش وعدة جماعات حقوقية أخرى- قد أخفق في إيقاف الحملة المطالبة بالديمقراطية. المرونة التي يتمتع بها المحتجون رائعة بشكل كبير وذلك بالنظر إلى أن قضيتهم قد قُوبِلَت بلا مبالاة باردة من واشنطن ولندن ومن جزء كبير من وسائل الإعلام الرئيسية.
وفي حين أن الحكومات الغربية قد سارعت لإدانة حُكَّام ليبيا وسوريا لانتهاكات حقوق الإنسان المزعومة -حيث شنَّت هجوم عسكري واسع النطاق ضد الأولى وأنزلت عقوبات دبلوماسية على الثانية-؛ واصلت هذه الحكومات نفسها تقديم الدعم التام لنظام آل خليفة الدكتاتوري في البحرين.
كما سارت أجندة وسائل الإعلام الرئيسية في هذا الطريق على نحو مطيع، ففي حين كانت البي بي سي والسي إن إن .. إلخ قد انقضَّت على ليبيا وسوريا لمناصرة قضية متمردين مسلَّحين بشهادات مشكوك فيها؛ قامت وسائل الإعلام هذه نفسها بتجاهل البحرين عملياً وهي المكان الذي تحظى فيه الحركة المطالبة بالديمقراطية بدعم أغلبية السكان والتي بقت حتى الآن سلمية في وجه عنف الدولة غير المبرر.
الضحية الأخيرة لإرهاب الدولة في البحرين هو على الأقل سادس شخص يموت بسبب الاستخدام العشوائي والقاتل للغاز المسيل للدموع من قبل القوات الحكومية المدعومة من السعودية. ومما يثير السخرية أن السعودية والبحرين وبالإضافة لمشيخات خليجية أخرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة قد قدموا دعماً دبلوماسياً وعسكرياً لتدخلات الناتو في ليبيا وسوريا للدفاع عن حقوق الإنسان كما يُزعَم، ومع هذا يقوم هؤلاء الاستبداديين بقتل المدنيين العُزَّل في البحرين تحت الحصانة وبرتخيص من الغرب.
لعدَّة أسابيع منذ مبادرة النظام البحريني المسمَّاة باسم "الحوار الوطني" والتي أخفقت في إشراك جماعات المعارضة؛ كان هناك تصعيد هائل للاستعمال العشوائي للغاز المسيل للدموع في القرى التي تعتبر داعمة للحركة المطالبة بالديمقراطية التي يقودها الشيعة بشكل رئيسي.
هاجمت شرطة مكافحة الشغب القرى في كل يوم وليلة بإطلاق قنابل الغاز المسيل الدموع على البيوت، واضطرت بعض العوائل للفرار من منازلها في منتصف الليل، وفي بعض الأحيان بنقل الأطفال إلى الخارج من نوافذ غرف النوم بواسطة السلالم. الأشخاص الذين كانوا غير قادرين على الحركة -ممن لديهم إعاقة والمرضى والمسنين- حُوصِرُوا في منازلهم خلال هذه الهجمات والبعض منهم توفي نتيجة التعرض الحاد للغاز المسيل للدموع. الضحية الأصغر عمراً كان محمد فرحان البالغ من العمر 5 سنوات [1].
المصادر المنتمية للحركة المطالبة بالديمقراطية وصفت استعمال الغاز المسيل للدموع على أنه تكتيك متعمد "للإرهاب السام". إنها طريقة النظام لإجبار مجموعات المعارضة على الدخول في عملية الحوار والتي رفضتها المعارضة باعتبارها ممارسة بلا قيمة للعلاقات العامة صُمِّمت من أجل تعزيز الوضع الراهن لسلالة آل خليفة.
إنه أمر غير قابل للتصديق تقريباً بأن واشنطن أو لندن غير مدركتين لإرهاب الدولة البحريني خلال الأشهر الماضية وبشكل خاص للاستعمال العشوائي للغاز المسيل للدموع على منازل المدنيين. البحرين -والتي هي محمية بريطانية سابقة- تمتلك صلات وثيقة بين وزارة الداخلية التابعة لها وبين موظفي الأجهزة الأمنية البريطانية، كما تعد الجزيرة الخليجية موطناً للأسطول الأمريكي البحري الخامس، حيث يتم مسح الخليج العربي بأكمله وبحر العرب وساحل الصومال من هذا المكان. وتبلغ مساحة البحرين ما يقل عن 60 كيلومتر طولاً و17 كيلومتر عرضاً.
إثنتان من القرى البحرينية التي تعرضت لهجوم كثيف بواسطة الغاز المسيل للدموع هما رأس رمان وبلاد القديم حيث توجد السفارتان البريطانية والأمريكية. وكما علَّق أحد النشطاء المطالبين بالديمقراطية عندما سُئِل حول المعرفة الرسمية لبريطانيا والولايات المتحدة حول الاستعمال غير الملائم للغاز المسيل للدموع: "لا بد أنهم يستنشقوه في كل يوم وهو يدخل من تحت أبوابهم".
ولكن القضية بالنسبة للعديد من البحرينيين ليست المعرفة فحسب، ولكنها بالأحرى الموافقة المباشرة من قبل واشنطن ولندن لما هو تكتيك لإرهاب الدولة ضد المدنيين، إذ يشيرون إلى أن الزيادة المفاجئة لاستعمال الغاز المسيل للدموع قد جاءت بعد زيارة للبحرين في بداية شهر يوليو من قبل جيفري فيلتمان السفير الأمريكي المتجول لمنطقة الشرق الأوسط. فيلتمان الذي كان في السابق سفيراً في إسرائيل وسفيراً في لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي في عام 2006 كان مدافعاً قوياً عن الحوار الوطني الذي أطلقه النظام البحريني إذ حثَّ "جميع المعتدلين" على المشاركة فيه.
ويبدو من المرجح جداً بأن شخصاً يمتلك أوراق اعتماد فيلتمان المتشددة سوف ينصح التابعين البحرينيين للولايات المتحدة باللجوء إلى سياسة أكثر حزمٍ إذا ما تجنَّبت المعارضة عملية المحادثات.
فيلتمان كان قد زار البحرين في ثمان مناسبات على الأقل، وإحدى تلك الزيارات كانت مباشرةً قبل غزو البحرين التي قادته السعودية. أحد النشطاء المطابين بالديمقراطية يقول عنه: "في كل مرة يأتي هذا الرجل إلى البحرين نرى زيادة شديدة في القمع وتدهور في مجال حقوق الإنسان".
وعلى الأقل تم تحديد ثلاث شركات أمريكية تقوم بتوريد قنابل الغاز المسيل للدموع إلى البحرين من ضمنها شركة NonLethal Technologies وشركة Combined Systems وشركة Penn Arms، وجميعها تقع مقراتها في ولاية بينسلفانيا [2].
في الآونة الأخير لاحظت بعض المصادر البحرينية أن الأنواع الجديدة لعبوات الغاز المسيل للدموع لا تحمل علامات المنتِج المعتادة [3]، وأن العبوات أكبر في الحجم وبالتالي تنشر كمية أكبر بكثير من الدخان [4]، وأن درجة السمية التي تحملها أكثر شدة وبكثير، مما يؤدي إلى إصابة الضحايا بتشنجات مشابهة لأعراض التعرض لغاز الأعصاب [5].
ولهذا؛ ونظراً لأن النظام البحريني يمكن أن يقتل المدنيين والأطفال من غير همهمة من واشنطن أو لندن؛ من المعقول أن نستنتج بأن تدخلاتهما النبيلة المعلنة في ليبيا وسوريا هي تدخلات لاذعة وكثيفة بقدر الدخان الذي يخيِّم على القرى البحرينية.
رابط المقال:
http://www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid=26324