السعودية تعلّم دمشق الديموقراطية
براين وايتايكر
«استنكاره لأداء نظام الاسد جعله يبدو مثل آل كابوني وهو ينتقد التوأم كراي».. هكذا علّق احد مستخدمي موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على بيان الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مدينا الاحداث الدموية في سوريا.
نعم، فالملك عاد الى دياره ولم يبد اي استعداد تجاه «الاصلاحات الفورية» التي نصح السوريين بها. في الحقيقة، ليس للرياض شيء يسمح لها بإعطاء سوريا دروسا في الديموقراطية.. هناك، في المملكة، حيث تُقمع التظاهرات قبل ان تولد.. رسالة الملك لسوريا تبعث على السخرية واكثر!
ربما اكثر ما يقلق في الامر هو الدور السلبي الذي لعبته المملكة خلال «الربيع العربي» والذي امتد اليوم ليشمل سوريا. فاللهجة السعودية بدت واضحة المعالم يوم فتحت الرياض ابوابها لاستقبال «اللاجئ» زين العابدين بن علي، الدكتاتور التونسي المخلوع في شباط الماضي. كذلك، بدت الحكومة السعودية الاسبوع الماضي مستاءة تماما لرؤية الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قفص المحاكمة، واصفة ذلك بـ«المشهد المهين للجميع».
اما دعوة مجلس التعاون الخليجي، الذي تسيطر عليه السعودية، لضم كل من الاردن والمغرب اليه، في وقت لا يمتّ البلدان للخليج بصلة جغرافية او حتى نفطية، فلا تأتي سوى من باب توسيع نادي الرجال الاغنياء وجمع الملوك العرب تحت مظلة واحدة لحمايتهم الجماعية.
رأينا هذا المخطط الملكي يتجلى امامنا بوضوح في آذار الماضي عندما دخلت القوات السعودية البحرين (تحت راية الذراع العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي، درع الجزيرة) لحماية الملك من المحتجين. واذا ما اردنا التوقف عند انتقادات هذا التدخل مقارنة مع الانتقادات التي رافقت حلف شمال الاطلسي في ليبيا، فنرى ان مغامرة السعودية «الإمبريالية» في البحرين اجتذبت القليل من الاهتمام، رغم انها لم تحظ بغطاء من مجلس الامن الدولي.
كذلك في اليمن... لطالما كانت السعودية هناك لفترة طويلة القوة المهيمنة، كما ان دورها منذ بدء الانتفاضة اليمنية اساء اكثر مما ساعد. واذا كان لا بد من الاعتراف بأن علي عبد الله صالح لم يعد خيارا قابلا للتطبيق كرئيس لليمنيين، فإن السعوديين يبحثون عن حل من شأنه أن يبقي اليمن بسياسته الراهنة.. آخر شيء يريدونه هو ثورة من النوع الذي يفضله المتظاهرون في الشوارع.
ربما يستحق الملك عبد الله بعض الامتنان لـ«اعتقال» صالح في الرياض بصفة «ضيف» حبيس سجنٍ مترف، لانه اذا ما عاد الى اليمن فإن سفك الدماء سيكون بانتظار اليمنيين. لكن لا ينبغي لأحد أن يشكك في أن السعوديين يبحثون عن مصالحهم، وليس عن مصلحة أولئك الذين يحاولون تغيير النظام. ببساطة، ان وساطة دول مجلس التعاون الخليجي لتأمين «خطة انتقالية» في اليمن كانت لمنع حدوث ثورة حقيقية، وليس للمساعدة على تحقيق ذلك...
يقودنا ما سبق الى سوريا ومسألة نوايا السعودية هناك. فمن غير المرجح ان تحظى دعوة الملك للإصلاح السريع ووضع حد لأعمال القتل بالتفاتة سورية، وربما ليس هذا هو الغرض منها. فالاهم ما يمكن تحقيقه من خلالها، هو توسيع المسافة بين المملكة ونظام الأسد، استعدادا لسقوطه.
ليس للرياض مصلحة في تسويق الديموقراطية وحقوق الانسان في سوريا، بل مصلحتها في تسويق نفوذها السني ومحاربة النفوذ الشيعي الايراني. فارتباط دمشق بطهران، يدفع السعوديين الى التدخل الآن، على امل دق اسفين بين ايران وسوريا ما بعد الاسد...
براين وايتايكر
ترجمة: دنيز يمين
http://www.assafir.com/Article.aspx?...8&Author=براين وايتايكر