مقال فيصل الشيخ رووعه :
حينما كلمتني »البي بي سي «!
قلت ومازلت أقول بأن السجال الدائر اليوم هو سجال إعلامي بحت، ومجريات الأمور تمضي لتؤكد على ذلك، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، أو عبر القنوات الفضائية، وما أكثرها التي باتت عملية ''ضرب '' البحرين وتشويه صورتها هدفها الرئيس .
للأسف الشديد لدينا جيش ممن يصرحون بأن قلوبهم على البحرين، بل ''ترتجف '' أجسادهم حرقة عليها، لكنهم حينما يتحدثون في الخارج للقنوات الفضائية تكون البحرين ''عدوتهم الأولى ''، يسعون بكل قوة لتشويه صورتها، بل لا يتوانون عن منح معلومات مغلوطة بـ ''الجملة ''، وبعدها يتباكون بالداخل على البحرين .
هناك من سخر نفسه متحدثاً رسمياً، وبات يطرق أبواب الفضائيات طرقاً، مانحاً إياهم أية معلومة حتى لو كانت من ''فنتازيا '' خيالية، مثل تلك الإعلامية الخطيرة التي قالت لقناة إيرانية بالأمس إنها ذهبت للمستشفى وإن الآن يوجد ''شهيد '' واحد، وهناك ''شهيد آخر '' يتوقع أن يفارق الحياة قريباً !! وفي النهاية يتضح أنه لا شيء من هذا واقع وصحيح .
أو تلك القناة التي بثت في شريطها الإخباري بأن هناك إطلاق للنار وسقوط ضحايا، في نفس الوقت الذي أخلت فيه قوات الجيش مواقعها وتركت الناس لتعود إلى موقع الدوار !
قبل أن أتحدث عن بعض القنوات وأجنداتها، أتحدث عن أولئك الذين يتدثرون بلباس الوطنية ويدعون أن قلوبهم على الوطن، كيف يقوى قلبك يا ''وطني '' أو ''وطنية '' أن تبالغ وتكذب فقط لتشوه صورة البحرين؟ !
هل هؤلاء يريدون القول بأنهم راغبون بأن تتحول البحرين إلى عراق ثانية، وأن يتدخل أياً كان من الخارج في شؤوننا؟ !
إحداهن تقول لقناة خارجية تتبع جهة طالما كانت لها مطامعها في البحرين : ''أنقذونا، نحن نموت هنا ''، ونعيد قولنا لها وهي التي تعيش برخاء وسخاء (الله يديم النعمة ) بعكس كثيرين من شعب البحرين من الطائفتين بأن اذهبي لمن تظنين أن الأمان عنده، واكفي البحرين شر الفتن، هذا الشعب لا يحتاج لكل هذا .
بعضهم يطالبني بإدانة ما حصل من سقوط للقتلى، وأنا أقول بأننا ضد إراقة أية دماء لمواطنين على هذه الأرض، وندرك تماماً بأن من خرج بمطالب مشروعة تم استغلال جراحاتهم وتم اتخاذهم كوسيلة للوصول إلى الأهداف الحقيقية، التي رفعت كشعار بدل الشعارات التي يتفق عليها جميع أبناء الوطن، وأعني شعارات حل الهموم المعيشية وتحسين الخدمات وإعادة النظر في سياسات معينة .
يحسب للدولة سعيها لإعادة الهدوء والدعوة للحوار، لكن أن يقابل ذلك بفرض شروط مسبقة حتى يبدأ الحوار، فهي مسألة مؤسفة تدفع للتفكير أكثر في الأهداف الحقيقية لمن يريد للأزمة أن تزيد وللشارع أن ينقسم .
أتذكر ابتسامة المحرض حسن مشيمع يوم أمس الأول على قناة الـ ''بي بي سي '' حينما أشارت الأنباء لوجود استنفار في الشارع السني وغضب، باعتبار أن من يطلقون الخطابات التسقيطية للنظام يمثلون الجانب الشيعي . أهذا ما تريده يا مشيمع؟ ! تبتسم ويثلج صدرك حينما ترى أبناء البحرين ينقسمون سنة وشيعة؟ !
سأجيب عنه وأقول بأن ''نعم ''، فمن غيره قال بأنه يرى في النظام الإيراني أساساً للديمقراطية، متناسياً كيف يتم التعامل مع المعارضين ''أمثاله '' هناك . وهنا لا نريد الدخول في شؤون دول أخرى، بيد أن جماعة لندن هي من تمضي للترويج لذلك وبقوة .
أعود للحديث عن الإعلام، ففي الرابعة عصر أمس تلقيت مكالمة من قناة الـ ''بي بي سي ''، وطلبت مني المتصلة أن أكون ضيفاً عبر الهاتف في السابعة مساء . أجبت على الفور بالموافقة، دون أن أستغل الفرصة لبيان موقف كثيرين من أبناء البحرين متمثلاً بالاستياء من الطرح الانتقائي للقناة، وأسلوب ''مد البساط '' لمن يريد تشويه صورة البحرين، واستخدام أسلوب ''جري الـ100 متر '' لمن يتحدث بإنصاف وعدالة عن الوضع البحريني، بحيث لا يتحصل على فرصة، وتتم مقاطعته بالكلام، ومنح الطرف الآخر ''المتواجد دائماً في الأستوديو '' نقطة التفوق . حاولت التبرير، لكنني طلبت مساحة الحديث رغم إعلاني لها شكي في السماح لي بالحديث بما أريد .
عند السابعة تحدثت دون أن تكون شاشة التلفاز أمامي، لم أر شكل المذيعة، ولم أعرف الطرف الآخر الذي منح الأفضلية في الأستوديو بالحديث قبلي، وقول ما يريد . بصراحة، كان هدفي بيان استياء الناس .
كالعادة تمت المقاطعة بادعاء الحيادية والمصداقية، رغم أن الجميع -حتى المستفيدين من القناة - يعرفون بأنها بعيدة كل البعد عن المصداقية . رددت على المتحدث حينما قال بأن المطالبات تشمل أبناء الطائفتين، بأن شعار إسقاط النظام لم يردده، ولن يردده أبناء الطائفتين السنية والشيعية الوطنين وإن كان السعي لزج أمين ''وعد '' إبراهيم شريف في الواجهة باعتباره ''سنياً '' فإن هذا لا يمنحه هو وغيره الحق بالقول إن كل الطوائف ممثلة فيما يحصل . وهنا أقول لشريف رجاء لا تتحدث باسم الطائفة السنية، أنت فقط عليك التحدث باعتبار أنك ''تابعاً '' للوفاق .
يبدو أن حديثي عن المبالغات التي بثتها الـ ''بي بي سي '' في مضامين سطور تقاريرها، وعبر منح الفرصة لكل من يريد ''نهش لحم البحرين '' آلمتهم، فكانت محاولات المقاطعة مستمرة، خاصة حينما أشرت لمبالغة المدعو علي مشيمع بأن من تواجدوا في الدوار في بداية التجمع قبل أيام بلغ 100 ألف رغم التواجد الأمني، بينما ما أُعلن عبر المسجات وغيرها بالأمس بأن العدد لم يصل لقرابة الخمسة عشر ألفاً مع غياب التواجد الأمني، فأي تلفيق وكذب هذا؟ ! وكيف لقناة شهيرة يفترض بأنها تعمل باحترافية أن تسلم بقوله وكأنه ''قرآن منزل ''.
طبعاً محاولات المقاطعة زادت لما تطرقت لأقوال حسن مشيمع على نفس القناة بشأن حنينه للنظام الإيراني، وإساءته البالغة للشعب البحريني الذين وصفهم بـ ''البلطجية '' و ''مدفوعي الأجر '' الذين خرجوا في مسيرة مؤيدة للوطن والملك .
المعارض الجالس في المقابل قال بأنه لا توجد دعوات لإسقاط النظام، لكن المقاطعة المتكررة لم تسمح لي بأن أقول له ''صباح الخير ''، إذ ألم تر اللافتات؟ ! ألا تستمع لقنوات خارجية من ضمنها قناة ''آل البيت '' التي خرج فيها ''المدرسي '' بالأمس ليقول بألا تتوقفوا ولا تقبلوا بالحوار واقلبوا النظام .
تسألني المذيعة وتقول بأي حق تتحدث عن أبناء الطائفة السنية باعتبارك بحريني سني (للأسف نتحدث بلغة التصنيف البغيضة )، أجبتها بأن الإجابة كانت ستكون واضحة لو أنزلتم مراسليكم وكاميراتكم للمسيرة الحاشدة وسألتم من تجاوز من رفعوا أعلام البحرين وصور قيادتنا من الآلاف عن موقفهم مما يحصل .
أما بالنسبة للتهجم الواضح على سمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، فأجبت بأن هذا الرجل قدم للبلد الكثير، ولسنا شعباً جاحداً ناقماً في قلوبنا ''غل '' وهو ما أثق بأنه ديدن الكثيرين من الطائفتين الكريمتين، فماذا قدم ''المحرضون '' في المقابل غير الدعوة لحرق البلد .
البحرين يساء لها إعلامياً، خاصة في قنوات تبحث عن كل من يسيء للبلد، ولا تدقق في كلامه أو تناقشه بإنصاف، تمنح الفسحة الواسعة لمن يشتم ويذم ويحرض، وتضيق على من يريد قول كلمة حق بشأن البحرين وأهلها .
قلوبنا على بلادنا، نتضرع للمولى أن يحفظها من كل كيد ويحفظ أهلها من جميع الطوائف والمذاهب [center][b]