في أول ردة فعل على البيان الذي أصدره الشيخ حمود بن نافع العنزي العنصري حيث القذافي ادعى انه من قبيلة عنزه فجاء هذا النكره ولم يذهب الى سوريا او اليمن أمس ، حول موقفه من ثوار ليبيا ، وزيارته لطرابلس ومشاركته المؤيدين لنظام القذافي تلقت الوئام تعقيباً من المشرف العام على صفحة ” سعوديون من أجل ليبيا ” الأستاذ صالح بن عبدالله السليمان ، عبر فيه عن استغرابه لاستدلال الشيخ العنزي بأقوال للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، في حين كان سماحته ضمن الموقعين على فتوى وبيان بتكفير القذافي .
ورد السليمان على ماذكره العنزي حول عدم جواز تدخل التحالف الدولي في ليبيا وأن معمر القذافي هو ولي الأمر .
وفيما يلي تعقيب الأستاذ صالح السليمان المشرف على صفحة سعوديون من أجل ليبيا ، كما وصل للوئام :
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعلم جميعا أن الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال . والحق هو ما صاحبه الدليل بغض النظر عن القائل. والباطل ما عازه الدليل أو ناقضه مهما كان لقائلة من الشهرة والعلم .
المبحث الأول :-
بعد هذه المقدمة القصيرة دعونا ننظر في دعوى عدم جواز الخروج على معمر القذافي لأنة ولي الأمر ويحتجون بالحديث في صحيح مسلم، حديث حذيفة وفيه “وإن جلد ظهرك وأخذ مالك” وهذا الحديث ليس من أصول مسلم، والأمام مسلم أحاديثه نوعان أحاديث أصول وأحاديث متابعات، فأحاديث المتابعات هذه لا يدقق مسلم فيها تدقيقه في أحاديث الأصول، والحديث مرسل كما قال الإمام الدار قطني في الإلزامات والتتبع أخرج مسلم حديث معاوية بن سلام عن زيد عن أبي سلام قال قال حذيفة وذكر الحديث، فقال وهذا عندي مرسل يعني منقطع فهذا الحديث ليس متصل السند لأن أبا سلام هذا الذي روى عن حذيفة قالوا لم يسمع من حذيفة ولعلماء الحديث أقوال كثيرة منشورة عن عدم صحة الزيادة وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك
حتى وأن سلمنا جدلا أن الحديث صحيح (أطع سلطانك وإن جلد ظهرك وانتهب مالك), ليس من الواجب عدم أخذه على ظاهره وإلا يمكن أن يكون المراد من الحديث المبالغة في طاعة
السلطان وأمثال هذا الحديث كثيرة منها(اسمع وأطع ولو تأمر عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) ومثل حديث (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة),
ويثبت نظرتنا هذه بان الحديث مبني على المبالغة وليس الحقيقة لإنه لا يتفق مع حديث (من قتل دون ماله فهو شهيد) ولا يتفق مع حديث (نعم الميتة أن يموت الرجل دون حقه) وليس المراد من الحديث طاعة السلطان ولو كان من السراق والحرامية ويحرم الخروج عليه والثورة ضده
ثم لننظر في شواهد العصر الأول ونرى هل تؤيد ما ذهب إليه بعض إخواننا من عدم جواز الخروج على الحاكم
1. في عصر الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عليه حارب المرتدين من مانعي الزكاة ولم يحتج بالحديث على وجوب طاعة ولي الأمر بل حاربهم على منع الزكاة وحارب آخرين على الردة عن الإسلام وجمع الاثنان تحت مسمى واحد
2. ويروى في الأثر (*1)أن عمر بن الخطاب قال في مجلس وحوله المهاجرون والأنصار أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ما كنتم فاعلين فسكتوا فقال ذلك مرتين ، أو ثلاثا ، فقال بشر بن سعد: لو فعلت ذلك قومناك تقويم القدح . فقال عمر: أنتم إذن أنتم إذن . ولم يحتج عليهم بالحديث السابق
3. في فتنة سيدنا عثمان بن عفان ذي النورين عندما نقم عليه بعض الناس لظنهم (مخطئين) بتجاوزه حدود ولاية الأمر في تصرفه ببيت المال وفي تعيين بعض أقاربه في الولايات وحصارهم للمدينة لم نجد أي من الصحابة الموجودين فيها أحتج بهذا الحديث على المحاصرين
4. خروج أمنا عائشة بنت الصديق والزبير بن العوام وطلحة رضي الله عنهم جميعا ومعهم جمع من الصحابة لقتال سيدنا علي في موقعة الجمل وسيدنا علي كرم الله وجهه كان هو ولي أمر المسلمين ولم يحتج عليهم سيدنا علي بهذا الحديث
5. خروج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه على سيدنا علي كرم الله وجهه للمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه لم نسمع إن سيدنا علي احتج بهذا الحديث
بكل هذه الشواهد في العصر الأول نجد اختفاء لهذا المفهوم للطاعة واختفاء الاحتجاج بالحديث المذكور مما يسقط حجة من احتج به إما لأن الحديث غير صحيح ولم يعرف في العصر الأول أو لأن الحديث (على فرض صحته ) لم يفهم كما فهموه وهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفهمهم للحديث حجة على العصور المتأخرة
نأتي للمبحث الثاني :-
هل يجوز مقاتلة الحاكم المرتد ؟
شواهد ردة القذافي كثيرة وقد أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بكفره وظلاله(*2) ومن شواهد كفره :-
1 – تحريفه القرآن الكريم؛ وذلك بحذف جميع قول الله تعالى: (قل) التي جاءت في القرآن.. قال الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون), وقال أيضاً: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد), قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: “من كفر بحرف من القرآن فقد كفر، ومن قال؛ لا أؤمن بهذه اللام فقد كفر”.اهـ [مجموع فتاوى ابن تيمية؛ 4/182].
2 - سب الأنبياء عليهم السلام واستنقاصهم؛ كقوله عن نبي الله يعقوب عليه السلام : إنه وعائلته من أحط العائلات وأشدها كفرا ونفاقاً وأنها عائلة ملعونة.. قال الله تعالى : (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين), قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: “من كذب بأحد الأنبياء، أو تنقص أحداً منهم، أو برئ منه فهو مرتد”.اهـ [الشفا؛ 2/1098].
3 – استهزاؤه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم مراراً وتكراراً؛ ومن ذلك وصفه لنبينا صلى الله عليه وسلم بأنه “ساعي بريد”! قال الله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم), قال القاضي عياض رحمه الله: “وكذلك من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمٌّد الكذب فيما بلَّغه أو أخبر به… أو قال؛ انه لم يُبلّغ، أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل نبياً، أو حاربه، فهو كافر بالإجماع”.اهـ [الشفا؛ 2/1069].
4 – إنكاره للسنة النبوية جملة وتفصيلاً, وجعل التمسك بها طريقاً وباباً للشرك وعبادة الأوثان والأصنام.. قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم), قال الإمام إسحاق بن راهوية رحمه الله: “أن من رد حديثاً صحيحاً عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر”.اهـ ["الفصل في الملل والنحل"، لابن حزم؛ 3/230]. فكيف بمن رد جميع الأحاديث؟!
5 – قوله أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم محصورة للعرب فقط وليست هي عامة لعموم الإنس والجن.. قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين * قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون * فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون). عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) [متفق عليه].
6 – إدعاؤه النبوة لنفسه, وزعمه أن لجانه الثورية المخابراتية هي نبي هذا العصر.. قال الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين), عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون) [متفق عليه], وعن عامر بن سعد ابن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) [رواه مسلم]. وعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب) [متفق عليه], ومعنى العاقب: الذي ليس بعده أحد من الأنبياء..
قال القاضي عياض رحمه الله: “وكذلك – أي وكذلك نكفر – من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى الله عليه وسلم أو بعده.. أو من ادعى النبوة لنفسه أو جوز اكتسابها.. وكذلك من ادعى انه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة.. فهؤلاء كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبي بعده.. فلا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعاً إجماعا وسمعاً”.اهـ ["الشفا"؛ 2/1070 – 1071].
7 – تشريعه الكتاب الأخضر, وزعمه أنه بمثابة التوراة أو الإنجيل, وحكمه به دون الكتاب والسنة.. قال الله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله), قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدّمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين”. اهـ [البداية والنهاية، جـ14، ص119.].
10 – عدم تكفيره لأهل الكتاب؛ اليهود والنصارى.. قال الله تعالى: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية), قال الشيخ أبو بطين: “وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى، أو شك في كفرهم..”. اهـ [الدرر السنية 12/69 ].
11 – استهزاؤه بكثير من شعائر الإسلام؛ كقوله: “الكعبة آخر صنم”, و”الحجاب من عمل الشيطان”.. قال الله تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: “فصح بما ذكرنا؛ أن كل من سب الله تعالى أو استهزأ به، أو سب مَلَكاً من الملائكة، أو استهزأ به، أو سب نبياً من الأنبياء أو استهزأ به، أو سب آية من آيات الله تعالى أو استهزأ بها – والشرائع كلها والقرآن من آيات الله تعالى – فهو بذلك كافر مرتد، له حكم المرتد، وبهذا نقول”.اهـ ["المحلى" 12/438].
12 – تحليله للحرام المجمع عليه, كتحليله للربا نصاً, قال الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله), قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافراً مرتداً بالاتفاق”.اهـ [مجموع الفتوى؛ 3/267].
13 - تبرؤه من الخلفاء الراشدين الأربعة, وطعنه فيهم.. قال الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) فكل من يغتاظ من الصحابة فهو كافر..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفراً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه كذّب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا لهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وان هذه الآية التي هي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وخيرها هو القرن الأول، وكان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمون أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمم هم شرارها، وكفر هذا مما يُعلم بالاضطرار من دين الإسلام”.اهـ [الصارم المسلول ص 590].
والمتفق عليه وجوب مقاتلة الحاكم المرتد وعلى ذلك حارب سيدنا أبوبكر الصديق خليفة رسول الله المرتدين ولم يخالفه أي من الصحابة ومن العلوم أن مسيلمة الكذاب كان حاكم اليمامة واجتماعهم على ذلك حجة
المبحث الثالث :-
أما وقد قامت الحرب وا
ستعر أوارها وكثر القتل بين المدنيين والأهالي من أطفال ونساء وشيوخ وقصف للمنازل والمساكن والمصانع والطرق وتدمير لمقدرات الأمة . فهل يجوز التواني عن حرب الصائل والمعتدي حتى يكف يده عن الناس ؟
لنفترض جدلا أن الشباب قد أخطئوا بالخروج السلمي على حاكم ما فهل يجوز له استعمال الذخيرة الحية لقتلهم وإسكات أصواتهم بدلا من استعمال الحكمة والنقاش معهم ؟؟
لماذا لم يستعمل العصي والهراوات أو الغازات المسيلة للدموع أو المياه حارها وباردها ؟؟
إن التواني عن نصرة الثوار حيث أصبح لهم الآن دولة بكل مفهوم الدولة من ارض وسلطة وبسط نفوذ أصبح تخذيل وهروب من الزحف وأصبحت طاعتها واجبة على جميع الليبيين وخصوصا بعدما تواترت الأنباء عن سيطرة الثوار على مدن الشرق كاملة وعلى مدن كثيرة في غرب البلاد .فأصبح المجلس الانتقالي هو ولى الأمر الواجب طاعته وليس القذافي الذي يقتل المدنيين ويدمر بدون تمييز وهو الآن حكمه حكم الصائل الذي يجب وقفه عن ارتكاب المزيد من الجرائم وفقد شرعية حكمة بنزع الأمة البيعة له ومبايعتها للمجلس الانتقالي
المبحث الرابع
الاستعانة بغير المسلم
جواز الاستعانة بالكفار في القتال عند الحاجة المقتضية أو الضرورة الملحة , كما هو مذهب جمهور العلماء وفيما يلي بيان للأدلة التي استدلوا بها على ما ذهبوا إليه .
1- مذهب الحنفية : قال الكاساني في بدائع الصنائع ( ولا ينبغي للمسلمين أن يستعينوا بالكفار على قتال الكفار , لأنه لا يؤمن غدرهم , إذ العداوة الدينية تحملهم عليه إلا إذا اضطروا إليهم ) .وقال كمال الدين ابن الهمام في فتح القدير ( وهل يستعان بالكافر ؟ عندنا إذا دعت الحاجة جاز , وهو قول الشافعي رحمه الله وابن المنذر ) .
2- مذهب المالكية : قال في التاج والإكليل على مختصر خليل ( قال ابن القاسم : لا يستعان بالمشركين في القتال لقوله صلى الله عليه وسلم ” لن أستعين بمشرك ” ولا بأس أن يكونوا نواتية وخدمة .. وقال عياض : قال بعض علماؤنا : إنما كان النهي في وقت خاص , وقال الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه و الأوزاعي : لا بأس بالاستعانة بأهل الشرك , وأجاز ابن حبيب أن يقوم الإمام بمن سالمه من الحربيين على من لم يسالمه , وروى أبو الفرج عن مالك : لا بأس أن يستعين بالمشركين في قتال المشركين إذا احتاج إلى ذلك ) . وقال الزرقاني في شرحه على خليل ( وحرم علينا استعانة بمشرك في الصف والزحف والسير للطلب , فإن خرج من تلقاء نفسه لم يمنع على المعتمد خلافاً لأصبغ , ويدل على المعتمد غزو صفوان ابن أمية مع النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً والطائف قبل إسلامه .. وإلا لخدمة منه لنا كحفر أو هدم أو رمي بمنجنيق أو صنعته فلا تحرم الاستعانة به فيها )
3- مذهب الشافعية : قال الإمام النووي في روضة الطالبين (تجوز الاستعانة بأهل الذمة والمشركين في الغزو ويشترط أن يعرف الإمام حسن رأيهم في المسلمين ويأمن خيانتهم). وقال في فتح الوهاب شرح منهج الطلاب ( وله لا لغيره اكتراء كفار .. واستعانة بهم على كفار عند الحاجة إليها إن أمناهم بأن يخالفوا معتقد العدو ويحسن رأيهم فينا , وقاومنا الفريقين ويفعل بالمستعان بهم ما يراه مصلحة من إفرادهم بجانب الجيش أو اختلاطهم به بأن يفرقهم بيننا ) .
4- مذهب الحنابلة : قال الإمام ابن قدامة في المغني ( وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة بالمشرك وكلام الخرقي يدل عليه أيضاً عند الحاجة ). وقال الحجاوي في الإقناع ( ويحرم أن يستعين بكفار إلا لضرورة ) . ومثله في المنتهى
5- مذهب الهادوية : قال في شرح الأزهار ( الأمر الثاني مما يجوز للإمام فعله هو الاستعانة بالكفار والفساق على جهاد البغاة من المسلمين قال مولانا عليلم: ولا خلاف بين أصحابنا أنه إنما يجوز له الاستعانة بالكفار والفساق حيث معه جماعة مسلمون ) .
6- مذهب الإباضية : قال في المصنف ( مسألة : ولا بأس على المسلمين أن يستعينوا بمن أجابهم على عدوهم ولو كانوا من أهل الحرب أو أهل العهد إذا كان لهم القوة والعهد والحكم عليهم ) .
7- من أقوال بعض العلماء : قال ابن جزم في المحلى ( ومن طريق وكيع حدثنا سفيان عن جابر قال : سألت الشعبي عن المسلمين يغزون بأهل الكتاب ؟ فقال الشعبي : أدركت الأئمة الفقيه منهم وغير الفقيه يغزون بأهل الذمة , فيقسمون لهم , ويضعون عنهم من جزيتهم , فذلك لهم نفل حسن . والشعبي ولد في أول أيام علي وأدرك من بعده الصحابة رضي الله عنهم ). وقال ابن القيم في زاد المعاد : عند كلامه على ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية ( ومنها : أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة , لأن عَيْنًه الخزاعي كان كافراً إذ ذاك – يشير المصنف إلى ما سبق أن ذكره , ص228 أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان بذي الحليفة أرسل عيناً له مشركاً من خزاعة يأتيه بخبر قريش – وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم ). وقال العلامة صديق خان في الروضة الندية شرح الدرر البهية ( ولا يستعان فيه أي في الجهاد بالمشركين إلا لضرورة .. ) ثم ساق رحمه الله الأدلة الدالة على تحريم الاستعانة والدالة على جوازها ثم ذكر الجمع بينهما بقوله ( فيجمع بين الأحاديث بأن الاستعانة بالمشركين لا تـجوز إلا لضرورة لا إذا لم تكن ثمَّ ضرورة ) . وقال صاحب كتاب الفقه الإسلامي وأدلته ( وقد أجاز الأكثرون من أتباع المذاهب الأربعة الاستعانة بالكافر على الكفار إذا كان الكافر حسن الرأي بالمسلمين )
و بعض الفتاوى الصادرة في العصر الحديث في جواز الاستعانة بالكفار في القتال عند الحاجة :
1. ورد في الفتاوى الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية فتوى عن عدد من علماء الأزهر من فقهاء المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية , ومؤيدة من مفتي مصر في وقته الشيخ محمد عبده بجواز الاستعانة بغير المسلمين عند الحاجة , وقد صدرت في 9 محرم عام 1322هـ وهي فتوى طويلة ومما جاء فيها : ( وأما الاستعانة بالكفار وبأهل البدع والأهواء على نصرة الملة الإسلامية مملا لا شك في جوازه وعدم خطره , يرشد إلى ذلك الحديث الصحيح المار ذكره ” إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ” . ومما جاء فيها أيضاً ( واستعانة المسلمين بالكفار جائزة في الجهاد للضرورة كضعف المسلمين ولو كان العدو من بغاة المسلمين ) .
2. وبمثل هذا أفتى مفتي مصر في وقته الشيخ حسن مأمون في6 جمادى الأولى عام1386 هـ كما في الفتاوى الإسلامية.
3. وقال العلامة الشيخ محمد رشيد رضا في فتاويه إجابة على سؤال عن حكم الاستعانة بغير المسلمين في الحرب بعد ذكره لخلاف العلماء في المسألة وإيراده بعض الأدلة لكلا القولين ( أما الجمع بين الروايات المختلفة فقد قال الحافظ في التلخيص : إن أقرب ما قيل فيه إن الاستعانة كانت ممنوعة ثم رخص فيها . قال : وعليه نص الشافعي . وأنت ترى أن جميع ما نقلناه من روايات الاستعانة كان بعد غزوة بدر التي قال فيها صلى الله عليه وسلم ” لن أستعين بمشرك ” والعمدة في مثل هذه المسألة اتباع ما فيه مصلحة , وهي تختلف باختلاف الأحوال ) .
4. هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية , وما صدر أيضاً من فتاوى فردية لبعض علماء المملكة وعلاء مصر وغيرهم من جواز الاستعانة بالكفار عند الضرورة
الأدلة الدالة على جواز الاستعانة بالكفار في القتال عند الحاجة:استدل جمهور العلماء القائلين بجواز الاستعانة بالكفار في القتال عند الحاجة بما يأتي:
1- حديث ذي مخبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ ستصالحون الروم صلحاً آمنا ، وتغزون وانتم وهم عدوا من ورائكم ” .
2- ما روي الشافعي في مسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم.
3- حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان ابن أمية يوم حنين أدرعاً، فقال : أغصباً يا محمد؟ قال “ لا بل عارية مؤداة ” وقد جاء في بعض الروايات أن الادرع ما بين الثلاثين إلى الأربعين ، وفي بعضها أنها كانت مائة درع.
4- ما روى أبو داود في مراسيله أن صفوان بن أمية شهد حنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان إذ ذاك مشركاً حتى قالت له قريش : تقاتل مع محمد ولست على دينه فقال : رب من قريش خير من رب من هوزان . فأسهم له النبي و أعطاه من سهم المؤلفة .
5- ما جاء في كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً بين المسلمين وبين اليهود وادع فيه اليهود، وعاهدهم، واقرهم على دينهم و أموالهم، واشترط عليهم وشرط لهم، ومما جاء في الكتاب ( … وأن بينهم النصر على من حارب أهل هـذه الصـحيفة ) . وجاء فيها ( … وان بيـنهم النصر على من دهم يـثرب ).
6- ما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بذي الحليفة في عام الحديبية بعث بين يديه عينا له من خزاعة يأتيه بخبر قريش وكان الرجل إذ ذاك مشركاً.
7- ما جاء أن خزاعة خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح مسلمهم وكافرهم.
8- ما روى البخاري في صحيحهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة إلى المدينة استأجر عبد الله بن أريقط الديلي ليدله على الطريق وكان خريتاً ماهراً بالطريق . وكان على دين كفار قريش .
9- عموم قوله صلى الله عليه وسلم ” إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر” رواه البخاري في صحيحه .
10- ما روى ابن حزم في المحلى بسنده أن سعد بن أبى وقاص غزا بقوم من اليهود فرضخ لهم .
11- ما ثبت في الصحيحين والسنن وغيرها من استعانته صلى الله عليه وسلم بالمنافقين وخروجهم معه للجهاد في غزوات عديدة، وقد حكى الصنعاني والشوكاني عن صاحب البحر الإجماع على جواز الاستعــانة بالمنافقــين في القــتال .
12- أن الاستعانة بالكفار عند الضرورة هو مقتضى القاعدة الفقهية المشهورة ( الضرورات تبيح المحظورات ومقتضى القاعدة الفقهية ( ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أشدهما ضرراً ) .
13- من يقول أن الثوار تحالفوا مع النصارى , فنسألهم الم يقل رسول الله في الحديث الصحيح ” ستصالحون الروم صلحا وتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم ” فلقد أجاز نبينا الصلح والتحالف معهم في حديث صحيح .
إن من يقول بغير هذا يلزمه تكذيب الحديث , وإن من يقول انه إخبار بما يحدث في المستقبل , نرد عليه , إن الرسول كان يتكلم بصيغة المخاطب والمخاطب جمع المسلمين , ولم ينكر فعل ذلك وكما يعلم أي دارس للفقه والحديث انه لا يجوز تأخير النطق بالحكم في وقت وجوبه . فما دام الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر الحادثة ولم ينكرها فهي عمل جائز .
هذا بيان لما نراه من أدلة لجواز مقاتلة معمر القذافي ومن على شاكلته من الطغاة وجواز الاستعانة بطيران الحلف الأطلسي وغيره لضرب قواته ومخازن ذخيرته حتى يثوب إلى رشده وينزل على حكم جموع الأمة
ولله الفضل والمنة من قبل ومن بعد
————————————————————————————–
هوامش :-
*1 القدح : ومنه الحديث ” كان يسوي الصفوف حتى يدعها مثل القدح ” أي مثل السهم أو سطر الكتابة. النهاية (4/20) ب)، 14196 ، وجاء في كنز العمال لعلاء الدين بن الهندي 5 / 687 . وجاء ذكره أيضا في العقد الفريد 2 /100 ولأثر قوي بذاته صالح للإحتجاج، بل هو أقرب إلى الصحيح بذاته، وهو قطعاً، صحيح بشواهده ومتابعاته
*2 :- بيان من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بشأن القذافي
الحمد لله وحده والصلاة على من لانبي بعده محمد واله وصحبه ومن اقتدى بهديه وبدعوته وبعد: -فأن مجلس هيئة كبار العلماء بدورته التاسعة عشرة المنعقدة في الفترة ابتداء من يوم 11/5/1402 هـ قد اطلع على بعض مانشرته إذاعة حكومة ليبيا في برنامجها المحدث المسمى ( أعداء الله ) وماتعرض فيه لائمة الدعوة السلفية رحمهم الله في هذه المملكة العربية السعودية من علماء وحكام بالطعن الكاذب ومحاولة التشكيك في عقيدتهم التي اعترف فيها , وأنها تجديد للدعوة الاسلاميه بحق أهل العدل والإنصاف في كافة أرجاء العالم الإسلامي. بل اعترف بفضلها المنصفون من علماء الغرب ولم يحاول أحد من أعدائها التشكيك بأصالة القائمين بها حتى قام عقيد ليبيا القذافي الذي أفسح المجال لإذاعته ووسائل إعلامه بلا عقل ولاحياء ولادين إذ تتجرأ حتى على مقام رب العالمين وتستهزئ به سبحانه وتعالى عما يقوله الظالمون علوا كبيرا . وتنكر شطرا عظيما في شريعته وتحدث بكل وقاحة وجرأه بشعر حديث وكلام فاحش ولكن الله يملي للظالم لايهمله
.ورغبة في بيان حقيقة الأمر لمن لايعرف بوضوح ما أثبته بتوفيق الله جهود حماة هذه الدعوة وقادتها وأئمة القران في بلادها من آثار لم يتوفر مثلها في بقية العالم الإسلامي .
أعرب المجلس بعض ما من الله به على هذه المملكة من النعم العظيمة أعلاها واجلها كتب الإسلام والدعوة إليه قولا وعملا وتحكيم شريعة الله في الدماء والأموال والأعراض والمحافظة على ماقرره أهل العلم أنه من الضروري لقيام المجتمعات السليمة مما يسمى بالضرورات الخمس مما عاد على هذه البلاد بحمد الله بالطمأنينة والأمن والرخاء والاحترام العالمي العام للترابط بين الحاكم والمحكوم مما كان له أحسن الأثر في نفوس أهل الصلاح والإصلاح والتقوى والفضيلة والعدل والإنصاف في مختلف أنحاء العالم يضاف إلى ذلك ماتتمتع به هذه البلاد من نهضة علميه وثقافيه واجتماعيه واقتصاديه وعمرانية وماتقوم به حكومتنا في سبيل الدعوة إلى الله والوقوف بجانب المسلمين من بعض الدعاة إلى الله في أنحاء العالم وإقامة المساجد والمراكز الإسلامية والمستشفيات وغير ذلك مما جعلها محط انظار الجميع ورمز احترامهم وتقديرهم .ولقد استعرض المجبس ذلك كله كما استعرض الاتجاهات العدائية التي تقوم بها صحائف منحرفة في اتجاهاتها وعقائدها يحدوها الحقد والحسد ويسير اتجاهاتها الآثمة المنحرفة عناصر ذات مشارب متشابهه في رداء الإسلام والمسلمين ترى في هذه البلاد القاعدة الكبرى للإسلام والمسلمين ( وفي طليعة هذه الطوائف المنحرفة والموجهة طاغية ليبيا معمر القذافي ذلك الرجل الذي نذر نفسه لخدمة الشر وإشاعة الفوضى وإثارة الشغب والتشكيك في الإسلام ).
لقد استعرض المجلس أطوار هذا الرجل وسرعة استجابته لعناصر الشر والكيد والحسد حيث صار يهذي في أجهزة إعلامه بما يستحي من ذكره من له ذوق سليم أو عقل مستقيم , يتضح ذلك في أقواله وأفعاله وتقلباته في جميع ميادين عمله داخل بلاده وخارجها وفي مقدمة ذلك تعرضه للعقيدة الإسلامية . فقد أقبر هذا الرجل السنة النبوية وسخر من الحج إلى بيت الله الحرام ومن المسلمين الذين يقفون في عرفات وصدرت بتفنيده فتاوى شرعيه من هيئات ومجالس إسلاميه عليا ومع ذلك لايزال هذا المسكين يتخبط في متاهات من الزيف والضلال تعطي القناعة التامة انه( ضال ملحد ) .إن مجلس هيئة كبار العلماء وهو يستنكر تمادي هذا الدعي على الإسلام والمسلمين ليقرر ويؤكد انه بإنكاره لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفتاءه بالحج واستهانته ببعض التعاليم الإسلامية واتجاهاته الآثمة الباطلة يعتبر بذلك( كافرا وضالا مضلا ) . فضلا عن ظلمه وطغيانه واجرامه وتجريح عباد الله ورميه اياهم زروا وبهاتا بالصفات الذميمة مما لايصدر عن عاقل يعتبر نفسه عاقلا وإنسانيا ومن ذلك تجريحه دعاة الإسلام وعلماءه الذين قاموا بنصرة هذا الدين والدعوة إليه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله وعلى رأسهم الإمام محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله وأنصارهما واتباعهما من الدعاة إلى الله والهادين إلى سبيله .وإنا لله وإنا إليه راجعون وهو حسبنا ونعم الوكيل ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
التواقيع :
رئيس الدورة محمد بن علي الحركان
عبدالله خياط
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عبدالله بن محمد بن حميد
سليمان بن عبيد
عبدالعزيز بن صالح
عبدالرزاق عفيفي
راشد بن حميد
محمد بن جبير
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
عبدالله بن غديان
صالح بن غصون
عبدالمجيد حسن
عبدالله بن قعود[b]