مرآة البحرين (خاص): تماماً، كما وصفتها صحيفة الاندبندنت البريطانية، فإن عائلة آل خليفة عائلة منقسمة، وأضحت تهدد مصير البحرين وشعبها، أجنحة عائلة آل خليفة بحسب مصادر سرية جداً يتسابق كل منها لإنشاء قوة عسكرية لصالحه.
كل ذلك من أجل إشعال حريق أمني هائل، وليس أدل من ذلك ما نقل عن العقيد الجلاد عادل فليفل الأسبوع الماضي من تهديده علنا بقتل عالم الدين الأكبر في البحرين الشيخ عيسى قاسم. وقد نقل هذا التهديد عبر منتديات مملكة البحرين.
التجنيس لم يعد بأوامر ملكية فقط، الآن يتمّ بأمر رئيس الوزراء خليفة بن سلمان الذي أمر زوج ابنته وكيل الداخلية لشؤون الجوازات والإقامة الشيخ راشد آل خليفة بالقيام بحملة تجنيس جديدة لصالحه، والحملة الجديدة للتجنيس ليست كالسابق، بل هي حملة تجنيس ذات أهداف محددة تقوم على استراتيجيتين الأولى عسكرية، والثانية تجارية(1).
تشير المعلومات الموثوقة إلى أن قبيلة "العوّاضي" (بتشديد الواو) التي ينتمي إليها التاجر اليمني رامز محمد نعمان العوّاضي- تاجر حاصل على الجنسية البحرينية ويملك مجموعة تجارية معروفة في البحرين- قد تمت دعوة كل أفرادها للحصول على الجنسية البحرينية مع اشتراط حصول كل أفرادها على جميع المزايا، من سكن، وعمل رسمي، ومبالغ لتحسين أوضاعهم المادية.
الاستراتيجية الأولى لهذه الحملة هي استراتيجية عسكرية، إذ يخطط الشيخ خلية بن سلمان لإيجاد جناح عسكري تحت إمرته المباشرة لتهديد السلم الأهلي في البحرين، حال تمكن جناح ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد المدعوم غربياً وبالخصوص أميركياً، من تغيير المعادلة وقلب الطاولة، أو في حالة تردي سيطرة العائلة الحاكمة على البحرين.
وقد أعطيت قبيلة "العوّاضي" واحداً من خيارين، بين أن يكونوا موجودين في الأراضي السعودية ويدخلون إلى البحرين عبر غطاء كونهم أفراد من قوات درع الجزيرة، وبين خيار التجنيس المباشر. ورغم أن القبيلة فضلت القبيلة الخيار الأول، فقد ضوعفت لها العطايا لتقبل الخيار الآخر، وهو أن يحصل أفرادها على ميزة التجنيس المباشر في البحرين، والتواجد فيها بصفتهم مواطنين مع ضمان السكن و العمل وتحسين الأوضاع، وتهيئة مشاريع تجارية لهم.
هذه المعلومات المؤكدة، لتضاف إلى معلومات جديدة تتمثل في إدخال الشيخ خليفة بعض المجموعات ذات التدريب العسكري من الممملكة العربية السعودية لذات الغرض، وقد تحالف مع الشيخ خليفة عدد من الجلادين ورؤوس التطرف الديني، من أمثال العقيد السابق عادل فليفل الذي يقال إنه مستشار أمني غير معلن لرئيس الوزراء، ومن أمثال النائب السابق محمد خالد، وبعض رموز التيار السلفي المتشدد. وكانت (مرآة البحرين) نشرت معلومات مؤكدة عن مصدر غربي يفيد أن رئيس الوزراء أعد فريقا لاغتيال رؤوس كبيرة من المعارضة حال تعرض كرسيه لاهتزاز، وهي إشارة صدرت مؤخراً من عادل فليفل الذي تحدث علنا أن مجموعاته أعدت كفنا للشيخ عيسى قاسم.
معروف عن الشيخ خليفة إنه يدير عمله غير الرسمي بصمت، ومن النوادر التي تحكى عنه قوله "لقد حكمت البلد لأربعين عاماً ولم يمسك أحد عليّ شيئاً، بينما ابن أخي (الملك) حكم البلد عشر سنين، وتمّ ضبطه متلبساً بمخطط تقرير البندر".
وفي ظل مناخ من التكتم والسرية، فتح الشيخ خليفة جزيرته جدة، وهي ثاني أكبر جزيرة في البحرين، وتبلغ مساحتها 560 الف متر مربع بقيمة سوقية تقارب ال 50 مليون دينار، وقد وضع رئيس الوزراء يده عليها وأصبحت ملكاً شخصيا له فقط، فتحها منذ نحو أسبوع كساحة للتدريب العسكري المكثف لصناعة جناح عسكري حقيقي للشيخ خليفة بن سلمان.
جزيرة جدة أصبحت أيضاً مخزناً للسلاح، وقد تمّ خلال الأيام الماضية التأكد من دخول أكثر من شاحنة مملؤة بالأسلحة والذخائر في حين تأكد المعلومات الموثوقة حصول عمليات تدريب غير معلنة على هذه الجزيرة التي لا يعرف المواطنون عنها أي شيء، سوى أنها مستعمرة خليفة ين سلمان.
وبسبب بعدها النسبي وإمكانية مراقبة هذه الجزيرة من قبل استخبارات الملك، واستخبارات الدول الغربية التي تنشط في البحرين خصوصاً الأميركية والبريطانية منها، فقد تمّ تخزين بعض الأسلحة في منزل أو قصر رجل الأعمال رامز، وهو المنزل الواقع في منطقة جرداب، وذلك لسهولة الوصول إلى هذه الأسلحة واستخدامها في حال حصول أي طارىء في المحافظة الوسطى.
المعلومات تشير إلى وجود مخزن سلاح آخر في منطقة العدلية، وفي قصر أحد كبار المسؤولين القريبين من الشيخ خليفة، وهذه الأسلحة تمّ وضعها قريباً من منطقة المنامة كاحتياط لما يمكن أن يحصل من طارىء في العاصمة.
الشيخ خليفة بن سلمان، إضافة إلى عيونه العديدة داخل وزارة الداخلية التي يضمن بها ولاءات عدد من قيادييها وضباطها، استطاع فتح مكتب خاص لابن رجل الأعمال رامز في وزارة الداخلية، ومهمة هذا المكتب هو تزويد وتمويل وزارة الداخلية بما تحتاجه من مواد غير حربية من دون المرور بأية مناقصات، وتتوقع المصادر أن الشيخ خليفة قد زاد مع الأحداث الأخيرة من تحكمه داخل الوزارة.
الشيخ خليفة شريك تجاري غير معلن مع مجموعة رامز عبر نائبه في رئاسة الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله، وهو أيضاً وزير ديوانه. الشيخ عبدالله لا شك أنه موضوع تدور حوله قصص كثيرة. وهو يشكل فصلاً من فصول رواية الشيخ خليفة الكبيرة. وستفرد له (مرآة البحرين)، تقريرا خاصا.
تقوم الاستراتيجية الجديدة للشيخ خليفة بن سلمان، على الاستفادة من تجار قبيلة "العوّاضي"، فقد طلب منهم الشيخ خليفة تصفية أعمالهم في اليمن، وتحويل تجارتهم إلى البحرين، وذلك لكي يشغل تجار القبيلة مساحات تجارة المواد الغذائية، وتجارة الخضار والأسماك، لضرب تجار الشيعة في البحرين الذين يشغلون هذه المساحات التجارية. وهنا يفهم خطاب سوق الخضار في (تجمع الوحدة الوطنية) الذي أقامه عبداللطيف المحمود وجماعته في ساحة البسيتين، بعد ضرب الدوار كتمهيد لهذه السياسة.
جناح الملك لم يغمض عينيه، فهو إضافة لوجود قوات درع الجزيرة التي يعتبرها النظام مصدر شرعيته الجديد، وقد وفرت له الغطاء العسكري، والأمني والسياسي، والإعلامي، الخليجي وتحديداً السعودي الإماراتي. ينشط الملك لترتيب بيته العسكري بعدما كبر رأس وزيره خالد بن أحمد وأخيه المشير خليفة بن أحمد قائد مرتزقة الجيش الذي أثبت "وطنيته" عبر قتله للمواطنين وقمعهم خلال فترة قانون الطوارىء المسمى زوراً السلامة الوطنية.
الملك يحاول الآن إيجاد توازن حقيقي مع الجيش، صحيح أن الجيش يدين بالولاء المطلق للملك، لكن الملك لمس خلال الفترة الأخيرة نزعة لدى مشيره خليفة بن أحمد في التدخل في الأمور السياسية بشكل مباشر، ويتضح ذلك من خلال إطلالة بانوارامية على لقاءات المشير مع شيوخ دين، وتجار، وقياديين في تجمع الموالاة، وعبر حديثه أكثر من مرة قبل نهاية فترة أحكام الطوارىء عما يجب وما لا يجب، وانتقاده المباشر للأمريكان، وهو الأمر الذي استدعى تدخل الملك وتهدئة خواطر الأميركيين المشغولين بمحاولة ترميم أسس النظام، وإدخال قوى المعارضة في أنفاق تتلوها أنفاق عبر ما يسميه الغرب (حل طويل الأمد).
الملك لجأ بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة إلى تقوية جناحه الثاني في قواته العسكرية، وهو جهاز الحرس الوطني الذي يرأسه أخوه الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، وهذا الجهاز الذي أنشأه الملك في العام 2000 يتبع بشكل مباشر الملك الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
بدأ الملك عبر شقين لتقوية الحرس الوطني وتقوية نفسه وتحصينها، قبال عمه رئيس الوزراء. فقد فتح الملك باب توظيف كبار الضباط وحدد عوائل معينة داخل البلد، ليستميلها بعيداً عن عمه الذي استمال عوائل كثيرة لصالحه في الفترة الماضية، الملك يختار توظيف كبار الضباط من عوائل محددة ليضمن بها كعكة نفوذ أكبر في ظل تجاذب أجنحة العائلة الحاكمة، ومن جانب آخر جلب الملك قوات خاصة من باكستان للعمل في هذا الجهاز، ويجري الآن عمل تدريبي مكثف لقوات الحرس الوطني لأجل تقويتها وجعلها صمام أمان آخر في حال حصل أي طاريء.
ما أقلق الملك فعلاً، هو ما حصل قبل أيام حينما زار ولي العهد الشيخ سلمان نادي الضباط، حيث التقى المشير خليفة بن أحمد، وخلال الإفطار قال المشير كلاماً هادئا لولي العهد، لكن هذا الكلام شمّ منه الملك وولي عهده تهديداً ناعماً بطريقة غير مباشرة في حال تنازل ولي العهد عن أي وزارة سيادية لشخص من غير آل خليفة.
ويقال إن أجواء الإفطار الرمضاني في نادي الضباط كانت "فاترة جدا" و "مسمومة"، فقد أضحى المشير في أواخر عمره يلبس البشت ويطمح في رئاسة الوزراء.
تأتي هذه التطورات، لتثبت أن الشعب البحريني يعيش في خطر شديد، في ظل عائلة منقسمة تحكمه، أجنحتها أضحت مسلحة، وباتت تؤمن بالسلاح طريقاً وحيداً لحسم الخلافات، والحسم هذا لا يأتي إلا عبر قتل الشعب وهتك حرماته والعبث بالسلم الأهلي وبالحساسيات الدينية، وبتركيبة الشعب وطوائفه، باختصار اللعب بكل شيء، لذا يعيش الشعب حاليا أقسى محنه إذ يواجه أبناؤه العزل في كل مساحات الدولة، في التوظيف والمشاركة السياسية والاعتراف بحقهم في العيش بكرامة.
آلة حربية متعددة الرؤوس(2)، تبطش بلا رحمة، يومياً تفقأ الأعين، وتختنق الأطفال بغازات سامة، وترعب النساء والعجائز بقنابل صوتية، هي أحدث ما أنتجه الغرب ذيو الحلول الطويلة الأمد. وتفصل هذه الآلة الحربية المتميزين في أعمالهم ودراستهم على أساس طائفي عنصري غير إنساني.
وبالعودة الى ما نشرته (مرآة البحرين) عن حجم مشتريات "السلاح الفردي" في البحرين مستندة الى تقرير كامبريدج(3)، يسأل الجميع ما الذي تبقى لهذا الشعب أمام رؤوس حكم متعددة، دخلت سباق تسلح بينها؟ سباق وتنافس على من يقمع ويقتل أكثر، في البحرين أضحى السلاح لا الشعب مصدر السلطات.
http://bahrainmirror.com/article.php?id=1621&cid=74